المعادلة المحاسبية وتحليل العمليات المالية
تعتبر المعادلة المحاسبية نقطة البداية ومدخل لعمليات التسجيل المحاسبي في الدفاتر. لذا سنتناول في هذه التدوينة وهذا الدرس مفهوم المعادلة المحاسبية وبيان أثر العمليات المالية التي تقوم بها منشآت الأعمال على طرفي المعادلة. ستعرض قائمة المركز المالي ونلخصها في صورة معادلة ذات طرفين يمثل كل طرف منها جانباً من جانبي المركز المالي. وبعد ذلك، سنتعرف على تحليل العمليات المالية إلى أطرافها المدينة والدائنة، ونظام القيد المزدوج واستخدام الحسابات لتسجيل العمليات المالية، وذلك تمهيداً لعملية التسجيل في الدفاتر المحاسبية في الدرس الثاني والبداية من الجزء الأول.
مفهوم المعادلة:
ينطلق المفهوم الأساسي للمعادلة المحاسبية (معادلة الميزانية - معادلة المركز المالي) في أية وحدة اقتصادية من التعادل أو التساوي المستمر بين ما للمنشأة (مواردها الاقتصادية) وما على المنشأة (الحقوق والالتزامات). ويمكن التعبير عن هذه العلاقة في شكل معادلة كما يلي:
ولدى كل منشأة نوعان من الالتزامات هما التزامات للغير والتزامات للملاك.
الموارد الاقتصادية المملوكة للمنشأة تسمى أيضاً بالأصول. ويطلق على التزامات الغير مصطلح الخصوم، والتزامات أصحاب رأس المال تسمى حقوق الملكية. وبناءً على ذلك، يمكن القول أن معادلة المحاسبة تأخذ الصورة التالية:
ويلاحظ أن الخصوم في المعادلة تظهر قبل حقوق الملكية، وذلك لأنه في حالة تصفية المنشأة وإغلاقها، فإن أولوية السداد ستكون للخصوم بحكم أنها التزامات للغير على المنشأة.
يمكن تطبيق معادلة المحاسبة على جميع الوحدات الاقتصادية بمختلف أنشطتها وأحجامها، حيث يمكن تطبيقها على أكبر الشركات العالمية أو أي بقالة صغيرة الحجم داخل الأحياء السكنية، وذلك لأن معادلة المحاسبة تتضمن في محتواها إطاراً يساعد على تسجيل وتلخيص الأحداث الاقتصادية.
تعريف بعض المصطلحات الهامة ذات العلاقة بمعادلة المحاسبة:
الأصول (Assets): الأصول هي جميع الموارد الاقتصادية المملوكة للمنشأة والتي تستخدمها عادة في تنفيذ أنشطتها. وقد تكون الأصول في شكل موارد إنتاجية طويلة الأجل، مثل الأراضي والمباني والآلات والمعدات والسيارات، ويطلق عليها في هذه الحالة أصول ثابتة. كما قد تكون الأصول في صورة نقدية سائلة مثل النقدية في الصندوق أو البنك، أو تكون من أصول يمكن تحويلها إلى نقدية سائلة في فترة زمنية قصيرة مثل المدينون وأوراق القبض (الكمبيالات)، وهي تمثل قيمة الديون المستحقة للمنشأة على الغير مقابل تقديم خدمات أو بيع بضاعة على الحساب.
وعلى هذا، فإن أساس التفرقة بين الأصول الثابتة والمتداولة هو درجة سيولتها أو قابليتها للتحول إلى نقدية سائلة في فترة زمنية قصيرة نسبياً. ويلاحظ أن الأصول الثابتة يتم اقتناؤها بقصد استخدامها في نشاط المشروع على مدار حياتها الإنتاجية وليس بقصد إعادة بيعها.
الخصوم (Liabilities): هي التزامات على المنشأة تجاه الغير، أو بعبارة أخرى هي ما على المنشأة من ديون أو حقوق للغير. قد تكون الخصوم طويلة الأجل مثل السندات أو القروض طويلة الأجل التي يستحق سدادها خلال فترة تزيد عن عام واحد، أو خصوم قصيرة الأجل يجب أن تسدد خلال السنة المالية مثل الدائنين وأوراق الدفع، والتي تنشأ عادة عن مشتريات آجلة من الموردين وتسمى الخصوم المتداولة.
حقوق الملكية (Owner's Equity): تمثل ما يملكه أصحاب المنشأة من أموال مستثمرة في المنشأة، وتؤثر حقوق الملكية زيادة أو نقصاناً بعدد من العمليات المالية. من هذه العمليات: رأس المال، وهو المبلغ الذي يستثمره المالك أو الملاك في المنشأة وزيادته تزيد من حقوق الملكية. أما المسحوبات الشخصية، فهي تمثل المبالغ النقدية أو العينية التي يسحبها المالك من المنشأة وتؤدي إلى نقص حقوق الملكية.
الإيرادات (Revenues): هي المبالغ المكتسبة من الغير لقاء بيع السلع أو تقديم الخدمات حسب نوع النشاط، مثل إيراد المبيعات وإيراد الخدمات. وتؤدي الإيرادات إلى زيادة حقوق الملكية.
المصروفات (Expenses): هي تكلفة السلع والخدمات المستخدمة في تنفيذ الأنشطة التي تزاولها المنشأة للحصول على الإيرادات، مثل مصروفات الإيجار والرواتب والكهرباء والهاتف. وتؤدي المصروفات إلى نقص حقوق الملكية.
قائمة المركز المالي (Statement of Financial Position): قائمة توضح الوضع المالي للمنشأة في لحظة زمنية محددة. حيث تظهر القائمة ما للمنشأة من أصول وما يستحق عليها من ديون للغير (الخصوم)، وحقوق أصحاب المنشأة. يمكن وصفها بأنها قائمة يوضح الجانب الأيمن فيها الموارد المتاحة للمنشأة، بينما يظهر في الجانب الأيسر مصادر تمويل تلك الموارد، والتي إما أن تكون من قبل أطراف خارجية (الخصوم) أو من قبل أصحاب المنشأة (حقوق الملكية).
قائمة الدخل (Income Statement): قائمة توضح نتيجة أعمال المنشأة خلال فترة مالية محددة. لاستخراج نتيجة أعمال المنشأة، يتم مقارنة الإيرادات مع المصروفات، وتكون النتيجة صافي ربح أو ما يسمى صافي دخل إذا زادت الإيرادات عن المصروفات خلال الفترة، بينما تكون النتيجة خسارة إذا زادت المصروفات عن الإيرادات خلال الفترة.
صافي الربح وصافي الدخل (Net Profit and Net Income): يعرف الاقتصاديون الأرباح بأنها المبلغ الذي بواسطته تصبح وحدة اقتصادية معينة في وضع أفضل خلال فترة زمنية معينة. نظراً لأن الوضع الأفضل أمر يصعب تقديره وقياسه بدرجة كافية من الموضوعية، فهو حالة تخضع للرأي والحكم الشخصي. لذا، يمكن القول أنه لا يتوفر للمحاسبة تعريف مفيد للأرباح. إضافة إلى ذلك، فإن كلمة الأرباح استخدمت بمعانٍ مختلفة بواسطة مدراء الأعمال والاقتصاديين. فعلى سبيل المثال، من معاني صافي الربح أنه الفائض الذي يأتي بعد استعادة المستثمر لكامل رأسماله، وهذا لا ينسجم مع مبادئ المحاسبة المتعارف عليها. لذا، فضلت معظم الهيئات المحاسبية في العالم ومن بينها الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين استخدام مصطلح بديل هو صافي الدخل. ويعرف صافي الدخل بأنه الزيادة في سعر السلع المباعة والخدمات المقدمة على تكلفة السلع والخدمات المستخدمة خلال فترة زمنية معينة. ولتحديد صافي الدخل عن فترة معينة، يتطلب الأمر قياس عنصرين أساسيين هما: سعر السلع المباعة والخدمات المقدمة (الإيرادات)، وتكلفة السلع والخدمات المستخدمة (المصروفات).